المؤتمرات الدولية التي شارك فيها نيافة أنبا إبيفانيوس
لقد تميَّز نيافة الأنبا إبيفانيوس بعدة صفات من النادر أن تجتمع في شخص واحد، كانت تؤهِّله أن يُمثِّل كنيسته في المؤتمرات الدولية خير تمثيل. فقد كان يجمع في شخصيته بين العلم الغزير والثقافة الواسعة وفي نفس الوقت الوداعة غير العادية وانفتاح القلب والروح، والمحبة غير المشروطة لجميع الناس. وكان يتمتع أيضًا بقدرة استثنائية وعجيبة على التواصل مع جميع الناس، من كافة الجنسيات والطوائف المسيحية والديانات. وكانت هذه الميزات مجتمعة تجعله محبوبًا من كل من تعامل معه تعاملاً شخصيًا. فقد كان في ذلك شبيهًا بالقديس أثناسيوس الرسولي الذي أحبَّه كل من تعامل معه عن قرب حتى أن الذين كان موكلين أن يرلقبوه في المنفى صاروا من أعز أصدقائه ومن أكثر المدافعين عنه. هكذا كان أنبا إبيفانيوس يتمتع بقدرة نادرة على اجتذاب محبة الآخرين بسبب استقامته ونقاوته الداخلية وانفتاح قلبه بالكامل على الجميع. وهكذا صارت هذه الصفات النادرة مع دماثة الأخلاق التي دائمًا تميز بها في علاقاته مع الآخرين تؤهله لتمثيل الكنيسة القبطية في محافل دولية متعددة وكثيرًا ما انتدبه قداسة البابا كممثل شخصي عنه، وأحيانًا أخرى كان يحضر المؤتمرات بصفة شخصية بإذن من قداسة البابا. وكان يقدم للناس، داخل مصر وخارجها، صورة مشرقة ومشرِّفة للكنيسة القبطية لدرجة أنه كان مطلوبًا جدًّا في كل أنحاء العالم وكان كثيرًا ما يضطر إلى الاعتذار بسبب إرهاق السفر. وقد اعترف لأحد أبنائه في الدير أنه كان قد بدأ يتعب كثيرًا من السفريات إلى الخارج بسبب سنه وحالته الصحية. بالإضافة إلى ذلك لا بدَّ من الإشارة إلى أنه كان أمينًا إلى أقصى درجة لكنيسته القبطية فكلما طُلبت منه كلمة في أحد المؤتمرات كان دائمًا حريصًا على أن يكتبها أولاً بالتفصيل ويقدِّمها لقداسة البابا للمراجعة. ولم يكن يرضى أبدًا أن يحضر مؤتمرًا إلا بعد أخذ موافقة قداسة البابا على الكلمة التي سيقولها لئلا يُقدِّم رأيًا شخصيًا لا يُمثِّل رأي كنيسته. وكان قداسة البابا بسبب انشغالاته الكثيرة يتأخر أحيانًا عليه في الرد فكان الأنبا إبيفانيوس يُذكِّره بضرورة المراجعة.
وقد حضر نيافة الأنبا إبيفانيوس العديد من المؤتمرات الدولية. وكان المنظمون يطلبون من قداسة البابا أن يرسله هو شخصيًّا بسبب قدراته على التواصل مع الآخرين بكل صدق وترحاب مع بقائه أمينًا لكنيسته.
أول مؤتمر دولي حضره نيافة الأنبا إبيفانيوس، وكان لا يزال راهبًا، هو المؤتمر الدولي للدراسات القبطية الذي يُعقد كل أربع سنوات وذلك في حلقته العاشرة المنعقدة في روما من 17 إلى 22 سبتمبر من عام 2012. وقد اشترك فيه كعضو في الوفد القبطي مع الأنبا مارتيروس ورهبان آخرين. وقد قدَّم فيه ورقة بحثية باللغة الإنجليزية بعنوان The Morning Adam Doxologies According to the Manuscripts of St. Macarius’ Library (الذكصولوجيات آدام باكر بحسب مخطوطات مكتبة دير أنبا مقار). وكان نيافته قد توصَّل بالدراسة المتأنية إلى نتيجة أنه كانت هناك في القرون الماضي بعض الحرية في تأليف نصوص خاصة بذكصولوجيات قديسي دير ما أو كنيسة ما وكان قد اكتشف في المخطوطات ذكصولوجية لأنبا مقار قديمة جدًّا تبدأ بعبارة ”قد ارتفع قرنك يا أبانا أنبا مقار“ ويُرجح أنها أُلفت بمناسبة تكريس هيكل أنبا مقار بواسطة الأنبا بنيامين الأول في القرن السابع الميلادي.
وفي سبتمبر من عام 2014، بعد مرور عام على رسامته أسقفًا ورئيسًا لدير أنبا مقار، انتدبه قداسة البابا تواضروس الثاني لإلقاء كلمة في المؤتمر الدولي الذي تنظمه سنويًّا مؤسسة سانت إيجيديو لأجل السلام. وكان عنوان الندوة ”السلام في المستقبل“ ومسرح اللقاء مدينة أنتويرب البلجيكية. وقد ألقى نيافته كلمة باللغة الإنجليزية بعنوان The Believer is a Man of Friendship (المؤمن رجل صداقة). قال فيها نيافته إن الصداقة لا تعني بالنسبة للمسيحي مجرد الولاء وإنما هي تعبير صادق عن المحبة وإن كنا نعيش فعلاً بحسب تعاليم الكتاب المقدس فإننا نستطيع أن نحول بالمحبة أعداءنا إلى أصدقاء لنا.
في سبتمر من عام 2015 حضر نيافته للمرة الثانية المؤتمر الدولي الذي تنظمه مؤسسة سانت إيجيديو لأجل السلام نائبًا عن قداسة البابا. وانعقد اللقاء هذه المرة بمدينة تيرانا عاصمة ألبانيا وكان عنوان المؤتمر ”السلام دائمًا ممكنٌ“. وقد ألقى نيافته كلمة باللغة الإنجليزية بعنوان Martyrs: the New Face of Christianity (الشهداء: وجه المسيحية الجديد) قال فيها إن الشهادة لم تتوقف في الكنيسة القبطية عند عصر معين وإنما مازالت حية ومستمرة حتى يومنا هذا. وجاء فيها نصًّا ”الشهيد هو الذي يقبل أن يضحي بحياته من أجل أحبائه، الشهيد لا يقتل أحدًا، بل يقبل الموت من أجل أن يحيا الآخرون“. واختتم كلمته قائلًا إنه كما كانت دماء الشهداء قديمًا هي البذار التي نمت بها المسيحية، فإن دماء الشهداء الآن هي بذار الوحدة المترقبة بين كافة الكنائس المسيحية.
بعد هذا المؤتمر بعشرة أيام، حضر نيافة أنبا إبيفانيوس بتكليف من البابا تواضروس الثاني الحلقة الثالثة والعشرين من المؤتمر الدولي للروحانية الأرثوذكسية الذي ينظمه سنويًّا دير بوزي بالاشتراك مع الكنائس الأرثوذكسية بعنوان ”الرحمة والمغفرة“. وكان العضو القبطي الوحيد في المؤتمر وسط أعضاء من جميع كنائس العالم. وقد قرأ أولاً رسالة تعضيد للمؤتمر من قداسة البابا تواضروس الثاني، ثم ورقة بحثية طُلب منه أن يلقيها باللغة الإنجليزية بعنوان Forgiveness in the Life of Fr. Matthew the Poor (المغفرة في حياة الأب متى المسكين)، وقد حكى فيها كيف تعلَّم هو شخصياً منذ دخوله الدير شرح الآية «فليكن عندك كالوثني والعشار» (مت18:15) على ضوء تعامل الرب يسوع مع الوثني والعشار فقد قيل عنه إنه كان «محبًّا للعشارين والخطاة» (مت11: 19)، فالوثني والعشار هو الإنسان الذي «يستحق محبتك أكثر!». ثم حكى بعض المواقف التي اختار فيها الأب متى المسكين المغفرة فوضع المحبة فوق الحق. وكان أبونا متى المسكين يفهم المغفرة في معناها المتسع، وهو قبول الآخر، الآخر المختلف عني في كل شيء، وخاصة المختلف عني في الإيمان أو العقيدة.
وفي مايو 2016 نظم دير بوزي مؤتمرًا دوليًّا حول شخصية الأب متى المسكين ومبادئه الروحية بعنوان ”الأب متى المسكين: أب برية معاصر“. وافتتح نيافة أنبا إبيفانيوس أول جلسة بعد كلمة مؤسس دير بوزي الأب إنزو بيانكي بكلمة عنوانها The Human and Spiritual Heritage of Matthew the Poor, Ten Years after His Repose (الميراث الإنساني والروحي للأب متى المسكين، عشر سنوات بعد نياحته) لخص فيها نيافته ما قدمه الأب متى المسكين للكنيسة القبطية والكنيسة الجامعة في أربع نقاط أساسية. أولاً: الأب متى المسكين والانفتاح على الكنيسة الجامعة؛ ثانيًّا: الأب متى المسكين والتجديد الرهباني؛ ثالثًا: الأب متى المسكين والتعليم الكنسي؛ رابعًا: الأب متى المسكين والوحدة الكنسية. وقد حظيت كلمته بإعجاب شديد في الأوسطات المسكونية التي شاركت في المؤتمر بسبب وضوح الرؤية وانفتاحه على جميع المسيحيين.
وفي بداية سبتمبر من نفس العام (2016)، أوفد قداسة البابا تواضروس الثاني نيافة أنبا إبيفانيوس لحضور المؤتمر الرهباني لرؤساء الأديرة البندكتيين المنعقد في دير سانت أنسلمو بروما، وهو المؤتمر الذي يُعقد كل أربع سنوات لاختيار أب عام للرهبنة البندكتية في العالم، والتي تضم حوالي 350 ديراً موزعة على قارات العالم المختلفة. وقد اشترك الأنبا إبيفانيوس في هذا المؤتمر كمراقب عن الكنيسة القبطية. وقد قدَّم أولاً رسالة من البابا تواضروس لهذا المؤتمر جاء فيها:
[لقد أعلنت عدة مرات في كنيستنا القبطية أن نجاح الكنيسة يقوم على أمرين، نجاح المعاهد اللاهوتية والتعليمية في الكنيسة، لأنها هي التي تحافظ لنا على الإيمان المستقيم الذي نؤمن به. وثانياً نجاح الحياة الرهبانية. الحياة الرهبانية هي الأسوار التي أقامها الروح القدس حول الكنيسة لتحميها: «عَلَى أَسْوَارِكِ يَا أُورُشَلِيمُ أَقَمْتُ حُرَّاساً لاَ يَسْكُتُونَ كُلَّ النَّهَارِ وَكُلَّ اللَّيْلِ عَلَى الدَّوَامِ. يَا ذَاكِرِي الرَّبِّ لاَ تَسْكُتُوا وَلاَ تَدَعُوهُ يَسْكُتُ حَتَّى يُثَبِّتَ وَيَجْعَلَ أُورُشَلِيمَ تَسْبِيحَةً فِي الأَرْضِ» (إش 62: 6-7)].
ثم قدَّم الأنبا إبيفانيوس كلمته الخاصة باللغة الإنجليزية بعنوان Monasticism and Christian Unity (الرهبنة والوحدة المسيحية). تحدث فيها عن الرهبنة كطريق ميسور وممهد لبلوغ الوحدة بين الكنائس المختلفة، لأن الرهبنة منذ نشأتها لم تعرف الحواجز بين الكنائس المختلفة، بسبب كونها قائمة على الحياة الروحية المعاشة وبعيدة عن المجادلات اللاهوتية والفلسفية. وقد حكى عن الصداقات العديدة التي تربط دير أنبا مقار بأديرة أجنبية من الكنائس الأخرى واختتم كلمته قائلًا: ”أتمنى أن يأتي اليوم الذي ترتفع فيه الحواجز نهائياً بين الأديرة المسيحية، فربما يكون هذا دافعاً للكنيسة كلها أن تسير على نفس النهج، لتتحقق رغبة الرب يسوع: لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِداً“. وقد استقبل قداسة البابا فرنسيس بابا روما أعضاء المؤتمر بالمقر البابوي بالفاتيكان، وقد نقل الأنبا إبيفانيوس تحيات قداسة البابا تواضروس لبابا روما، الذي رد قائلاً: تحياتي، تحياتي، للبابا تواضروس، رجاء إبلاغ تحياتي الكثيرة للبابا تواضروس.
وفي نهاية شهر سبتمبر 2016، انتقل نيافته إلى مدينة أسيزي، موطن القديس فرنسيس الأسيزي، ليحضر كمندوب بابوي عن الكنيسة القبطية مؤتمر مؤسسة سانت إيجيديو الدولي والذي احتفل بالذكرى الثلاثين للقاء قيادات الأديان المختلفة بالعالم في مدينة أسيزي عام ١٩٨٦ لأجل السلام العالمي. وكان عنوان المؤتمر ”الظمأ إلى السلام“. وقد ألقى نيافته كلمة باللغة الإنجليزية بعنوان Practical Mercy: Feed the Hungry, Give Drink to the Thirst (الرحمة العملية: أطعم الجياع، اسقِ العطاش) حكى فيها قصة حدثت بالفعل في الدير بعد قيام ثورة 25 يناير 2011، كيف أن الدير استقبل وأطعم عددًا من المساجين الهاربين من سجن وادي النطرون، وكم كان لهذا العمل من تأثير بالغ عليهم.
وفي أواخر نوفمبر 2016، أوفد قداسة البابا تواضروس الأنبا إبيفانيوس ليحضر جلسة نظمتها مؤسسة برو أريينتي للحوار المسكوني بين الكنائس الأرثوذكسية الشرقية والكنيسة الكاثوليكية في مدينة فيينا عاصمة النمسا. وكان عنوان الجلسة التي حضرها ممثلون على أعلى مستوى من جميع الكنائس الأرثوذكسية الشرقية والكنيسة الكاثوليكية ”العقبات التي تحول دون الوحدة“. وقدَّم أنبا إبيفانيوس أولاً تحيات ودعوات البابا تواضروس لنجاح هذا المؤتمر، حيث قداسة البابا كان منذ عامين (2014) قد شارك بنفسه في مؤتمر برو أورينتي لأول مرة بعد اعتلائه كرسي القديس مرقس الرسول. ثم قدَّم الأنبا إبيفانيوس ورقة بحثية باللغة الإنجليزية عنوانها Obstacles on the way to full communion and proposals to overcome them (معوقات في طريق الشركة الكاملة واقتراحات للتغلب عليها) أشاد فيها بالدور الإيجابي الذي قام به قداسة المتنيح البابا شنوده الثالث الذي كان له الفضل في إزالة الكثير من سوء التفاهم حول العقيدة الخريستولوجية في اجتماع برو أورينتي في سبتمبر 1971. ولخص في كلمته ست خطوات أساسية للمضي قدمًا في الوحدة بين الكنائس واختتم بتقييم شخصي قائلاً: ”أما على الصعيد الشخصي، فإني أرى أنه ربما أكبر معوق للوحدة بين الكنائس، هو عدم الرغبة في الوحدة لدى الأشخاص المسؤولين عن الحوار. ربما يكون لهؤلاء الأشخاص تخوُّف من هيمنة بعض الكنائس القوية على الكنائس الأقل مقدرة، فالتاريخ مليء بالصراعات التي لا نجد مبررًا أو تفسيرًا منطقيًا له الآن، سوى الصراع حول من هو الأعظم (مر 9: 34)“. وختم كلمته قائلاً: ”العالم المسيحي ينتظر أن يرى هذه الوحدة التي يطلبها الرب يسوع وقد تحققت، وهم يشعرون أن رجال الكنيسة هم أكبر معوق لهذه الوحدة. فنرجو أن تتغير هذه الصورة، وأرجو أن نفرِّح قلب المسيح بهذه الوحدة التي طلبها، في المستقبل القريب وليس بعد أجيال طويلة“.
وفي سبتمبر من عام 2017 سافر نيافته إلى مدينة مونستر بألمانيا كمندوب رسمي لقداسة البابا ليحضر مؤتمر مؤسسة سانت إيجيديو الدولي السنوي وكان عنوانه في ذلك العالم ”طرقٌ للسلام“ Paths of Peace. وقدَّم أنبا إبيفانيوس كلمة عنوانها باللغة الإنجليزية Martyrdom, Memory and Reality of Christians (الاستشهاد، ذكرى وواقع يعيشه المسيحيون) جاء فيها أن الاضطهاد والاستشهاد حقيقة حتمية في حياة المسيحيين إن تمسَّكوا بالتقوى، لأن الكتاب يقول إن «جميع الذين يريدون أن يعيشوا بالتقوى في المسيح يسوع يُضطهدون» (2تي 3: 12)، كما ذكر فيها شهداء ليبيا وشهداء طنطا وغيرهم، مضيفاً أن الكنيسة القبطية تفتخر بلقبها ”أم الشهداء“ وبأن تقويمها الخاص يُدعى تقويم الشهداء.
وفي نهاية شهر فبراير 2018 أوفد قداسة البابا تواضروس الثاني الأنبا إبيفانيوس لحضور اللقاء الدولي بمؤسسة برو أوريينتي في فيينا، وقد طُلب من نيافته أن يتكلَّم عن ”أحداث التقارب بين الكنائس في مصر“ وذكر فيها تأسيس البابا تواضروس ليوم المحبة في 10 مايو من كل عام تخليداً للقاء قداسته بالبابا فرنسيس في 10 مايو 2013، وقد احتُفل به سنة 2016 في دير الأنبا بيشوي حيث وجَّه البابا تواضروس رسالة للبابا فرنسيس جاء فيها ”أنا سعيد لأن متانة العلاقات بيننا تتقوى عامًا بعد عام، وانفتاح القلوب والأفكار يتزايد إيجابيًّا. وهذا هو عملنا جميعًا في محبة المسيح الواحد الذي يجمعنا ويمهد طريق الوحدة والشركة الكاملة بين أعضاء جسده المقدس في كنيسته المباركة“. كما ذكر اللقاء التاريخي الذي تم بين البابا فرنسيس والبابا تواضروس في القاهرة في 28 أبريل 2017، الذي ”أعربا فيه عن تطابق وجهتي نظرهما لأهمية السعي الدؤوب من أجل الوحدة المسيحية، التي هي مطلب الرب يسوع نفسه وصلاته من أجلها، كما أنها تعبر عن رغبة الشعب المسيحي وأمنيته أن تتحقق سريعاً“. كما ذكر الصلاة المسكونية التي جمعت بينهما وبين بطريرك القسطنطينية المسكوني برثولماوس ورؤساء كنائس أخرى في الكنيسة البطرسية. وعلَّق على ذلك قائلاً إن ”الهدف المباشر من هذه اللقاءات تعزيز المحبة والتفاهم بين قادة الكنيستين… وذلك لرفع حاجز الخوف والتنافر بين المؤمنين، وللتأكيد على المحبة المسيحية التي هي الرباط الحقيقي الذي يربطنا ببعض“.
وفي يوليو 2018 دعا نيافة أنبا سوريال أسقف ملبورن بأستراليا الأنبا إبيفانيوس لإلقاء كلمة في مؤتمر دولي نظمه المعهد اللاهوتي القبطي الأرثوذكسي بملبورن بأستراليا St. Athanasius College تحت عنوان Copts in Modernity (الأقباط في العصر المعاصر). وكان قد طُلب من نيافته أن يكون عنوان مداخلته The Human and Spiritual Legacy of Fr. Matthew the Poor (الميراث الإنساني والروحي للأب متى المسكين)، وقد لخص فيها نيافته ميراث الأب متى المسكين للأجيال الحالية والقادمة في أربع نقاط أساسية هي: التأصيل والتجديد الرهباني، الانفتاح على الكنيسة الجامعة، التعليم الكنسي والوحدة الكنسية. وقد ذكر زيارة الأب متى المسكين قبل رهبنته للقديس حبيب جرجس كدليل على مكانته وثقله الروحي بالنسبة لشباب ذلك الجيل.
لقاءات كنسية أخرى
بخلاف هذه المؤتمرات الدولية كثيرًا ما كلَّف قداسة البابا تواضروس الأنبا إبيفانيوس بالاشتراك في زيارات ولقاءات مع الكنائس الأخرى تعزيزا لأواصر المحبة التي تربطنا بها.
وأول ذلك دعاه البابا تواضروس، شهرين فقط بعد رسامته أسقفاً، للاشتراك معه في زيارته الخالدة للبابا فرنسيس في مايو 2013. وفي عقب هذه الزيارة الخالدة كان اهتمام البابا تواضروس أن يزور مع الوفد القبطي المرافق له عدة أديرة بإيطاليا، إيماناً منه أن الرهبنة هي رجاء نهضة الكنيسة واستعادة وحدتها. ومن ضمن هذه الأديرة زار البابا تواضروس دير بوزي في شمال إيطاليا حيث تقابل مع مجمعه الرهباني واشترك في الصلاة معهم.
وفي مايو 2014 أوفده قداسة البابا مع أنبا مقار أسقف الشرقية والعاشر من رمضان ليحضرا كمندوبَين عن البابا مناقشة دكتوراه قدمها أنبا سوريال أسقف ملبورن بأستراليا عن القديس الأرشيدياكون حبيب جرجس، وذلك يوم الخميس 20 مارس 2014.
وفي مايو 2014 كلفه قداسة البابا مع رؤساء أديرة آخرين منهم نيافة الأنبا يسطس رئيس دير الأنبا أنطونيوس ونيافة الأنبا هدرا مطران أسوان ورئيس دير أنبا باخوميوس بحاجر إدفو، ونيافة أنبا سيرابيون مطران لوس أنجلوس بأن يسافروا إلى جنوب أفريقيا لتدشين دير جديد أسسه نيافة الأنبا أنطونيوس مرقس.
ثم كلفه قداسة البابا بزيارة كنيسة اليونان وعلى الخصوص أديرة جبل آثوس مع رؤساء أديرة آخرين منهم أنبا يسطس رئيس دير أنبا أنطونيوس وأنبا دانيال رئيس دير أنبا بولا، وذلك لتوثيق العلاقة بين الرهبنة القبطية ورهبنة الكنيسة اليونانية. وقد استغرقت هذه الزيارة من 22 إلى 30 سبتمبر 2014، زاروا فيها رئيس أساقفة اليونان وعدة أديرة أهمها دير فاتوبيدي Vatopedi ودير سيمونوس بترا Simonos Petra.
وفي بدء شهر نوفمبر 2015 سافر الأنبا إبيفانيوس إلى لبنان لتمثيل الكنيسة القبطية في الاحتفال بمرور 150 عامًا على الترجمة العربية للكتاب المقدس المعروفة بترجمة فان دايك Van Dyke. وقد استغرقت الاحتفالية من 1 إلى 3 نوفمبر.
ثم دعاه قداسة البابا أن يرافقه مع أساقفة آخرين في زيارته لكنيسة اليونان بدءًا من 8 ديسمبر 2016، وقد زاروا فيها رئيس الأساقفة إيرونيموس الذي رحَّب بهم أفضل ترحيب، ورئيس الجمهورية اليونانية، والمجمع المقدس لكنيسة اليونان، وكان من المفترض أن تستمر الزيارة أسبوعًا، غير أنهم اضطروا إلى قطعها والعودة للوطن على أثر تفجير الكنيسة البطرسية في 11 ديسمبر 2016.
وقد دعاه نيافة أنبا سوريال أسقف ملبورن بأستراليا للاشتراك بإلقاء محاضرات في مؤتمر كهنة إيبارشيته من 14 إلى 22 مايو 2017، وقد ألقى أنبا إبيفانيوس في هذه المناسبة محاضرات عديدة قيِّمة، ليس فقط على الكهنة ولكن على مجموعات متعددة من الخدام ومن الدارسين، فقد أرادوا أن يستفيدوا من علمه وحكمته وروحانيته أقصى استفادة حتى لم يتركوا له وقتًا للراحة.
وفي يونيو 2017 دعاه قداسة البابا تواضروس أن يشترك مع رؤساء أديرة وأساقفة ورهبان آخرين في الزيارة الرهبانية لكنيسة روسيا، وقد استغرقت هذه الزيارة من 16 إلى 23 يونيو 2017 وزاروا فيها البطريرك كيريل رئيس الكنيسة الروسية، الذي رحب بهم وقصَّ عليهم ذكرياته لزيارته للبابا شنودة الثالث بالقاهرة في أبريل 2010، ثم زيارة البابا تواضروس للكنيسة الروسية، وعبَّر عن شكره لحسن الاستضافة لرهبانه في مصر، وأنه لا بد من استمرار الحوار المسكوني بين الكنيستين، وتبادل إرسال الرهبان بين مصر وروسيا، ثم زار الوفد الرهباني القبطي خلال هذا الأسبوع ثلاثة عشر ديرًا من أهم الأديرة الروسية، وتعرَّف على تاريخ قديسيها.
وفي الفترة من أول إلى 12 ديسمبر 2017 كلفَّه قداسة البابا تواضروس بالسفر إلى ميلانو للاشتراك في تجليس الأنبا أنطونيو أسقف ميلانو، ثم السفر إلى بودابست عاصمة المجر لتجليس الأنبا جيوفاني أسقف الكنائس القبطية برومانيا والمجر وبلاد التشيك.
آخر مؤتمر كان المفروض أن يحضره الأنبا إبيفانيوس
وقد دُعي نيافة أنبا إبيفانيوس لحضور المؤتمر السادس والعشرين للروحانية الأرثوذكسية الذي سوف يُعقد في دير بوزي بإيطاليا في بداية شهر سبتمبر المقبل بعنوان ”الإفراز والحياة المسيحية“Discernment and Christian Life وكان من المفترض أن يقدم نيافته ورقة بحثية باللغة الإنجليزية بعنوان Discernment in the Desert Fathers (الإفراز عند آباء البرية). وكانت هذه الورقة آخر ما شَغَلَ فكر أبينا الأسقف فكان يعمل في كتابة هذه الكلمة في صباح السبت 28 يوليو 2018، وقد وجدنا في حاسبه الآلي أنها كانت آخر ما اشتغله حتى الساعة 9:04 صباحًا قبل انتقاله في الليلة التالية. وقد سجَّل في مسودة هذه الكلمة أن مجموعة كتابات آباء الرهبنة تقرُّ بأن أهم فضيلة يجب أن يتحلى بها الراهب هي فضيلة الإفراز أو التمييز (διάκρισις) وقد أضاف ”لذلك حرص الآباء على الصلاة بلجاجة حتى ينال أولادهم نعمة الإفراز“. ومن الـمُرجَّح جداً أنه كان هو نفسه يمارس مثل هذه الصلاة بلجاجة حتى ينال أولاده نعمة الإفراز، لأنه لم يكن من عادته أن يعلِّم شيئاً دون أن يمارسه هو بنفسه. وبعد منتصف الليلة التالية بقليل نزل من قلايته متوجِّهًا إلى كنيسة الدير ليشترك مع أولاده في الصلاة والتسبيح، وفجأةً جاءه صوت من السماء قائلاً «نعمّا أيها العبد الصالح والأمين، كنت أميناً في القليل فسأقيمك على الكثير. ادخل إلى فرح سيدك» (مت21:25). والآن نحن في انتظار أن ننال ثمار هذا «الكثير» الذي أُقيم عليه أبونا الأسقف المحبوب لانتعاش الرهبنة والحياة الروحية في ديرنا وبقية الأديرة في مصر، بل وفي العالم كله.