بستان الرهبان

الأنبا إبيفانيوس

أسقف ورئيس دير القديس أنبا مقار

بستان الرهبان

تقديم

فى عام 1978م زار الأب العالم Regnault دير القديس أنبا مقار بوادي النطرون، وقضى فيه عده شهور، وهو من أشهر العلماء المعاصرين الذين قاموا بنشر ومقارنة نصوص الآباء الرهبان بكل اللغات القديمة، وقد حاول أن يتعلَّم اللغة العربية لدراسة نصوص آباء البرية التى وصلت إلينا في هذه اللغة، والتى لا توجد فى اللغات الأخرى، ولكنه انتقل إلى السماء قبل أن يحقق رغبته. وكان يأمل في نشر كتاب بستان الرهبان العربي، وذلك بعد مراجعته على المخطوطات، وعمل ترقيم للأقوال لسهولة المقارنة مع النصوص الأخرى، وهذا ما حاولنا القيام به.

فقد تم عمل ترقيم لأقوال الآباء، لتسهيل عملية النقل والاقتباس والمقارنة مع نصوص الأقوال فى اللغات الأخرى، كما تم مراجعة هذه الأقوال على مخطوطات بستان الرهبان المتاحة فى دير القديس أنبا مقار بوادى النطرون. وتم وضع شاهد في نهاية كل نص يشير إلى موضع هذا القول في المخطوطات، واعتبرنا مخطوط س 5 هو المصدر الأساسي لهذه الشواهد، والأقوال التى لم نجدها في هذا المخطوط وضعنا لها شاهداً من المخطوطات الأخرى، وتم وضع بعض العناوين الجانبية، وعمل فهرس بهذه العناوين في هذا الكتاب، كما أضفنا بعض الحواشي التوضيحية لتفسير الكلمات الغريبة ولا سيما التي ترجع إلى أصول قبطية أو يونانية.

كما حاولنا أن نقارن كافة الأقوال مع نظائرها باللغات القديمة الأخرى، وقد أضفنا شاهداً في نهاية الأقوال التي تم مقابلتها بغيرها يوضح المصدر الذي يقابل أيًّا من هذه الأقوال. مع ملاحظة أننا اكتفينا بمصدر واحد فى أغلب الحالات، يمكن بواسطته الرجوع لباقي المصادر حسب الجدول المنشور في نهاية هذا الكتاب.

وقد التزمنا في النشرة الحالية بالنص التقليدي لبستان الرهبان القبطي الذى يُقرأ فى أديرتنا منذ مئات السنين، أثناء العجين وعلى مائدة الرهبان، والذي حافظ على تقليدنا الرهباني على مدى الأجيال، وهو الذي يُعتبر حتى الآن الأساس فى تلقين الرهبنة للرهبان الجدد. وقد اعتمدنا على ترتيب السير والأقوال كما وردت فى مخطوط س 4 بمكتبة دير القديس أنبا مقار، وهي مشابهة لدرجة كبيرة لكتاب <<بستان الرهبان عن آباء الكنيسة القبطية الأرثوذكسية>> الذي نشرته دار النسخ والتحرير القبطية الأرثوذكسية، والذي تمت طباعته في ثلاثة أجزاء أعوام 1951، و1952، و1953، وذلك نقلاً عن نسخة سابقة عليه مخطوطة باليد ومطبوعة بطريقة التصوير المتاحة في ذلك الوقت، وكانت منقولة عن مخطوطات الأديرة.

أن حياةَ الرهبان الأوائل في صحراء مصر كانت قد اجتذبت الكثير من الآباء والرهبان الأجانب، للتتلمذ على أيديهم والاقتداء بسيرة حياتهم. ومنهم من قضى بقية حياته في وسطهم ولم يعد مرة أخرى إلى بلده، مثل القديس أرسانيوس، ومنهم من عاد إلى بلده وكان سبباً فى تأسيس حياة رهبانية على غرار ما عاشه فى إسقيط مصر، أمثال القديس إيلاريون وباسيليوس وإبيفانيوس كاسيان. كما وفد أيضًا عليهم بعض الرحالة الذين عاشوا وتتلمذوا على أيديهم، ثم كتبوا ما رأوه وسمعوه منهم، من أمثال بالاديوس وروفينوس وجيروم وجيرمانوس، ولهؤلاء يعود الفضل الأول فى حفظ التاريخ لسير وأقوال هؤلاء القديسين.

وقد سُجلت سير قديسي الرهبنة الأوائل وأقوالهم فى نصوص باللغات القبطية واليونانية واللاتينية، وصل إلينا الكثير منها فى لغته الأصلية، ولكن بعضها لم يصل إلينا إلا في ترجمات يونانية ولاتينية وسريانية وعربية وأثيوبية وأرمينية وجيورجية وسلافونية. كما وصل إلينا الكثير من كتابات الآباء السريان في نصوص سريانية. وعن هذه النصوص جميعاً تمت الترجمة إلى كثير من اللغات الحديثة. ومحاولتنا فى هذا الكتاب مقارنة النص العربي الذى بين أيدينا بهذه النصوص القديمة جميعاً.

أن تحقيق النص على مخطوطات الأديرة يرجع بالنص لبضع مئات من السنين وقت نساخة هذه المخطوطات، أما تحقيق النص على النصوص القبطية واليونانية واللاتينية والسريانية فيعود بالنص إلى ما يقرب من الف وخمسمائة سنة، وقت تحرير معظم أقوال الرهبنة أو ترجمتها إلى هذه اللغات. وهذا هو الهدف الرئيسي من هذا العمل.

 

 

بستان الرهبان

 

اضغظ هنا للتحميل