وصية الرهبنة

 

تتلخص حياة الرهبنة في الوصية التي يقرأها الراهب أو الراهبة عند الرسامة، وهي وصية قديمة موجودة في مخطوطات الأديرة، وسوف أقرأ عليكم الآن الوصية التي وردت في مخطوط طقس 211 في مكتبة دير القديس أنبا مقار، وهي نفس الوصية تقريبًا التي نقرأها حتى الآن، وسوف أعلق فقط على بعض النقاط الهامة، وسيكون التعليق بنصوص رهبانية أيضًا:

باسم الآب والابن والروح القدس الاله الواحد. اعلم أيها الأخ الحبيب مقدار هذه النعمة التي أدركتك لأنك لبست الإسكيم الذي للملائكة، وأقمت ذاتك جندياً للمسيح، وتقدمت إلى عظم جهاد صالح. أول كل شيء قد تجدَّدت وتنقيت من الأعمال الردية التي للعالم كما شهد القديس العظيم أنطونيوس أب الرهبان إن الروح الذي يحل على المعمودية المقدسة هو يحل على الإسكيم وقت الرهبنة ويطهر الذي يصير راهباً، ثم شهد أيضاً العظيم أنطونيوس أنه رأى ذاته كأن نفسه خرجت من جسده وأعاقوها في الجو وأرادوا أن يحاسبوها منذ صغره، وإذا صوت من السماء قائلاً، من صغره إلى حين صار راهباً قد تركتُ له وغفرتُ خطاياه بالرهبنة، ولكن حين صار راهباً حاسبوه. وهكذا حاسبوه فوجدوه بغير لوم، كريماً أما الرب، ذا أعمال فاضلة.

697 – [قال شيخٌ آخرُ: «إني رأيتُ قوةَ النعمةِ الإلهيةِ الحالّة في عمادِ النورِ، هي كما هي، حالّةً في وقتِ التسربل بالزي الإسكيمي (Chaîne. 202)[1]، أما الذي يطرحُ عنه زي الرهبنةِ فلا حظَّ له مع المؤمنين، بل يُرتَّب مع جاحدي الإيمان، ويُعاقَب، متى لم يتب لله توبةً بالحقِّ من كلِّ قلبهِ»] (س5: 144ظ) (An. 365)[2].

والآن أيها الأخ الحبيب، قد تطهرت من دنس العالم الكثيرة الأنواع، فاحفظ نفسك منذ الآن لتكون جندياً صالحاً ليسوع المسيح، ملك الملوك، وتقاوم الحرب الخفي الذي لإبليس وجنوده الأشرار،

701 – [أخبر أحدُ الشيوخِ: إنه في بعضِ الليالي، في أثناءِ صلاتِه وهو في البريةِ الجوانية، سمع صوتَ بوقٍ يضربُ ضرباً عالياً، كمثل ما تُضرب أبواقُ الحربِ، فتعجب متفكراً بأن البريةَ مقفِرةٌ وليس فيها آدميٌّ، فمن أين صوتُ البوقِ في هذه البريةِ، أَتُرى حربٌ ها هنا؟ وإذا بالشيطانِ قد وقف مقابلَه وقال بصوتٍ عالٍ: «نعم يا راهب، حربٌ هي، إن شئتَ فحارب، وإلا سلِّم لأعدائك»] (س5: 145ظ).

واحفظ العهد الذي قررته الآن، أن تتعبد لله بخوف ورعدة، وتداوم تلاوة المزامير نهاراً وليلاً، مع سهر الليل، والأبصلمودية وصلاة الكنيسة المقدسة المفروضة، وتكمل ذلك باجتهاد، والصوم بمقدار ونسك في الطريق الملوكي، وطهارة الجسد الذي لا يعاين أحد الله دونها، لتكون صديقاً للملائكة. وواظب (على) الخضوع ولازم الاتضاع والطاعة للشيوخ المجربين، واحرص بأن تسمع لمن يرشدك ويهديك لطريق الله، ووصاياه المقدسة إلى حد الموت، لكي تنال تاج أبناء الله، وترث ملكوت السموات، ويكون لك نصيب ووراثة مع كافة القديسين الذي أرضوا الرب منذ البدء.

666 [أخبر أبٌ أنه أبصرَ أربع مراتب مرتفعةً في السماءِ، الأولى: مريضٌ شاكرٌ لله. والثانية: صحيحٌ يضيفُ الغرباء وينيح الضعفاء. والثالثة: منفردٌ في البريةِ مجتهدٌ. والرابعة: تلميذٌ ملازمٌ لطاعةِ أبيه من أجلِ الله. ووجد أن مرتبةَ التلميذ أسمى من المراتب الثلاث الأخرى، وزعم أنه سأل الذي أراه ذلك قائلاً: «كيف صار هذا هكذا وهو أصغرهم، فأصبح أكبرهم مرتبةً»؟ فقال: «إن كلَّ واحدٍ منهم يعمل الخيرَ بهواه، وأما هذا فقد قطع هواه لله، وأطاع معلمه، والطاعة لأجلِ اللهِ أفضل الفضائل»] (س5: 139ظ).

570 [وقال راهبٌ: «إن الذي يجلس في طاعةِ أبٍ روحاني لهو أكثرُ أجراً وأقلُّ خطراً من ذاك الذي يجلس منفرداً في الوحدةِ والسكوت] (Abc. Rufus 2a).

واحرص أن تعيد الوزنة التي تسلمتها متضاعفة لتسمع الصوت القائل، حسناً أيها العبد الصالح والأمين، لأنك أمينا وُجدت في القليل أنا أقيمك على الكثير، ادخل إلى فرح سيدك، والرب الإله يعينك ويساعدك في كل عمل صالح، ويحرسك من تجارب العدو المعاند، إلى النفس الأخير، ويجعلنا جميعاً مستحقين سماع ذلك الصوت المملوء فرحاً القائل تعالوا إلى يا مباركي أبي رثوا الملك المعد لكم قبل إنشاء العالم، ما لم تره عين ولم تسمع به أذن ولم يخطر على قلب بشر،

637 [قال شيخٌ: «كما أن الإنسانَ الذي ترك المملكةَ وترهب يُمدح من كلِّ العقلاءِ والفضلاءِ، لأن الرهبنةَ أفضلُ من كلِّ ما تركه، إذ هي توصِّل إلى المملكةِ السمائية الدائمة، كذلك إذا ترك إنسانٌ الرهبنةَ وصار ملكاً، فإنه يُذمُّ من كلِّ الفضلاءِ»]. (س5: 137ج)

بشفاعة الست السيدة العذراء الطاهرة والدة الإله مرتمريم البتول ومار مرقس الإنجيلي الرسول والأب العظيم أنبا أنطونيوس والبار أنبا بولا والثلاثة مقارات وكافة لباس الصليب والمجد للآب والابن والروح القدس، الآن وكل أوان وإلى دهر الداهرين آمين.

نرحب بالآباء الرهبان والأمهات الراهبات والأخوات المكرسات، طالبين من الله أن يكون هذا اللقاء لتبادل الخبرات الروحية التي تعيننا على إكمال الطريق في مخافته.


[1] Le Manuscrit de la version copte en dialecte sahidique des Apophthegmata Partum, par M. Chaîne, 1960.

[2] L. Regnault, Les Sentences des Pères du désert: Série des anonymes. Solesmes, 1985.

 

اضغظ هنا للتحميل