ضرورة القيامة
ضرورة القيامة
يقدِّم معلمنا بولس الرسول حديثاً طويلاً عن قيامة الرب يسوع، يبدأه بقوله:
«وَأُعَرِّفُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ بِالإِنْجِيلِ الَّذِي بَشَّرْتُكُمْ بِهِ وَقَبِلْتُمُوهُ وَتَقُومُونَ فِيهِ. وَبِهِ أَيْضاً تَخْلُصُونَ… فَإِنَّنِي سَلَّمْتُ إِلَيْكُمْ فِي الأَوَّلِ مَا قَبِلْتُهُ أَنَا أَيْضاً: أَنَّ الْمَسِيحَ مَاتَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا حَسَبَ الْكُتُبِ. وَأَنَّهُ دُفِنَ وَأَنَّهُ قَامَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ حَسَبَ الْكُتُبِ» (1كورنثوس 15: 1-4). ثم يؤكد على ضرورة القيامة:
«فَإِنْ لَمْ تَكُنْ قِيَامَةُ أَمْوَاتٍ فَلاَ يَكُونُ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ! وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ فَبَاطِلَةٌ كِرَازَتُنَا، وَبَاطِلٌ أَيْضاً إِيمَانُكُمْ» (1كورنثوس 15: 13-14).
نعم، لقد مات الربُّ يسوع بالجسد من أجل خطايانا، فلماذا يصرُّ القديس بولس على التأكيد على قيامة الرب، وأنه بدون القيامة ليس هناك خلاص. ألم يكن موت الرب على الصليب كافياً لكي ننال الخلاص، وليس هناك داعٍ للقيامة؟
ولكي نفهم هذه النقطة، يجب أن نرجع إلى الوراء، إلى بدء الخليقة، إلى قصة سقوط أبوينا الأولين، ونتائج هذا السقوط، لنعرف مدى احتياجنا لقيامة الرب.
لقد صدر الحكم على آدم مسبقاً أنه إن عصى وصية الله، وأكل من شجرة معرفة الخير والشر، فإنه موتاً يموت. ولم يكن الله كاذباً في حكمه، لذلك خرج آدم من الفردوس محكوماً عليه بالموت. لأنه ما هو الموت في مفهومه الروحي؟ أليس هو انفصال الإنسان عن الله مصدر حياته. وهكذا عندما تغرَّب الإنسان عن وجه الله، بسبب الخطيئة، دخل الموت إلى حياة الإنسان، الموت الروحي أولاً، ثم تبعه الموت الجسدي:
«مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ، وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ، وَهَكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ» (رومية 5: 12).
واضح من هذا الكلام، أن خطيئة أبينا آدم جلبت عليه الموت، وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الخليقة. إذاً تكون النتيجة الحتمية أن الإنسان يحتاج إلى القيامة من الموت، الموت الذي دخل إلى طبيعته، وأفسد عليه حياته: «وَنَحْنُ أَمْوَاتٌ بِالْخَطَايَا أَحْيَانَا مَعَ الْمَسِيحِ، بِالنِّعْمَةِ أَنْتُمْ مُخَلَّصُونَ، وَأَقَامَنَا مَعَهُ» (أفسس 2: 5و6).
هذه هي بركة القيامة العظمى، أننا قمنا مع المسيح بعد أن كنا أمواتاً بالذنوب والخطايا. وعدم الإيمان بقيامة الرب من بين الأموات، معناه أننا ما زلنا في خطيئتنا: «وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ فَبَاطِلٌ إِيمَانُكُمْ. أَنْتُمْ بَعْدُ فِي خَطَايَاكُمْ»! (1كو 15: 17). لأننا جميعاً قد متنا في آدم، وجميعنا قد نلنا الحياة مرة أخرى بقيامة المسيح من بين الأموات: «فَإِنَّهُ إِذِ الْمَوْتُ بِإِنْسَانٍ بِإِنْسَانٍ أَيْضاً قِيَامَةُ الأَمْوَاتِ. لأَنَّهُ كَمَا فِي آدَمَ يَمُوتُ الْجَمِيعُ هَكَذَا فِي الْمَسِيحِ سَيُحْيَا الْجَمِيعُ» (1كو 15: 21-22).