نبوات الساعة الثالثة يوم الثلاثاء
عقوبة الارتداد من وراء الله
هوذا بيتكم يُترك لكم خرابًا
هذا هو محور القراءات في هذه الساعة، كيف تنبأ الرب يسوع بحلول الخراب على الشعب الذي زاغ من وراءه. ولكن القراءات أيضًا رهبانية بالدرجة الأولى، تتكلم عن مسيرة حياتنا وراء الله.
النبوة الأولى على فم موسى النبي، وهذه النبوة من سفر التثنية أصحاح 8 من آية (11 – 20)، أما مقدمة الأصحاح فهي الآيات التي تُقرأ في طقس رسامة الرهبان كوصايا للرهبان الجدد، ثم تأتي هذه الآيات كتحذير لعدم طاعة هذه الوصايا.
11- اِحْتَرِزْ مِنْ أَنْ تَنْسَى الرَّبَّ إِلهَكَ وَلا تَحْفَظَ وَصَايَاهُ وَأَحْكَامَهُ وَفَرَائِضَهُ التِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا اليَوْمَ.
12- لِئَلا إِذَا أَكَلتَ وَشَبِعْتَ وَبَنَيْتَ بُيُوتاً جَيِّدَةً وَسَكَنْتَ.
13- وَكَثُرَتْ بَقَرُكَ وَغَنَمُكَ وَكَثُرَتْ لكَ الفِضَّةُ وَالذَّهَبُ وَكَثُرَ كُلُّ مَا لكَ.
14- يَرْتَفِعُ قَلبُكَ وَتَنْسَى الرَّبَّ إِلهَكَ الذِي أَخْرَجَكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ العُبُودِيَّةِ.
هنا يحذِّر اللهُ كلَّ واحد منَّا على المستوى الشخصي، لئلا بعد أن ننال القليل من الراحة ننسى الهدف الذي خرجنا من أجله. والله هنا يذكِّر كل واحد بما صنعه معه حتى أخرجه من العالم وأتى به إلى البرية، وكل واحد منا له الخبرات الخاصة الشخصية مع الله. وهذا ما كان القديس أرسانيوس يُذكِّر به نفسه كل يوم: تأمل يا أرساني فيما خرجت من أجله. فإذا نسينا حرارة حياتنا الأولى، فالتهديد أيضًا على المستوى الشخصي، وأيضًا على المستوى الجماعي، أنكم تبيدون لا محالة. أي نسقط من نعمة الله ومن عمل الله الداخلي مع كل واحد. ونشعر كأن النعمة فارقتنا تمامًا. ونعيش أيام حياتنا في مرارة روحية دون أن نعرف السبب. وواضح أن السبب داخلي لكل واحد منَّا. يقول:
11- اِحْتَرِزْ مِنْ أَنْ تَنْسَى الرَّبَّ إِلهَكَ وَلا تَحْفَظَ وَصَايَاهُ وَأَحْكَامَهُ وَفَرَائِضَهُ التِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا اليَوْمَ.
12- لِئَلا إِذَا أَكَلتَ وَشَبِعْتَ وَبَنَيْتَ بُيُوتاً جَيِّدَةً وَسَكَنْتَ.
13- وَكَثُرَتْ بَقَرُكَ وَغَنَمُكَ وَكَثُرَتْ لكَ الفِضَّةُ وَالذَّهَبُ وَكَثُرَ كُلُّ مَا لكَ.
(بمعنى دخلنا في حالة من الراحة وترفيه الذات وطرحنا عنا حياة الفقر الاختياري التي دعينا إليها)
14- يَرْتَفِعُ قَلبُكَ وَتَنْسَى الرَّبَّ إِلهَكَ الذِي أَخْرَجَكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ العُبُودِيَّةِ.
(بمعنى ننسى كيف أن خروجنا من العالم كان دعوة شخصية من الرب لكل واحد منَّا، ولم يكن هدفنا سوى أن نعيش لله في حياة توبة مستمرة، متمتعين بعشرة الله والاتحاد به)
15- الذِي سَارَ بِكَ فِي القَفْرِ العَظِيمِ المَخُوفِ مَكَانِ حَيَّاتٍ مُحْرِقَةٍ وَعَقَارِبَ وَعَطَشٍ حَيْثُ ليْسَ مَاءٌ. الذِي أَخْرَجَ لكَ مَاءً مِنْ صَخْرَةِ الصَّوَّانِ.
16- الذِي أَطْعَمَكَ فِي البَرِّيَّةِ المَنَّ الذِي لمْ يَعْرِفْهُ آبَاؤُكَ لِيُذِلكَ وَيُجَرِّبَكَ لِيُحْسِنَ إِليْكَ فِي آخِرَتِكَ.
(بمعنى أن أية تجارب تقابلنا في الطريق، فإن الرب نفسه هو الذي وضعها من أجل تقدمنا ومن أجل استحقاقنا لإكليل الجهاد، وما هذه التجارب إلا لحمايتنا من الكبرياء والغرور ومن الانحراف عن الطريق الرهباني)
17- وَلِئَلا تَقُول فِي قَلبِكَ: قُوَّتِي وَقُدْرَةُ يَدِيَ اصْطَنَعَتْ لِي هَذِهِ الثَّرْوَةَ. (أي بذكائي ومواهبي الخاصة نجحت في طريقي وليس اعتمادًا على الرب)
18- بَلِ اذْكُرِ الرَّبَّ إِلهَكَ أَنَّهُ هُوَ الذِي يُعْطِيكَ قُوَّةً لاِصْطِنَاعِ الثَّرْوَةِ لِيَفِيَ بِعَهْدِهِ الذِي أَقْسَمَ لآِبَائِكَ كَمَا فِي هَذَا اليَوْمِ.
19- وَإِنْ نَسِيتَ الرَّبَّ إِلهَكَ وَذَهَبْتَ وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى وَعَبَدْتَهَا وَسَجَدْتَ لهَا أُشْهِدُ عَليْكُمُ اليَوْمَ أَنَّكُمْ تَبِيدُونَ لا مَحَالةَ.
(إن تركنا طريق الله بأي صورة وانشغلنا بآلهة أخرى يصورها لنا فكرنا، فالنتيجة الهلاك لا محالة)
وهذا ما سيرد في الإنجيل: هوذا بيتكم (أي بيتنا الروحي) يُترك لكم خرابًا.
وتأتي النبوة الثانية لتؤكد على نفس المعنى، وهي أيضًا النبوة الخاصة بطقس رسامة الرهبان (سيراخ 2 : 1- 9) ومفتاحها الأساسي: يا بُنيَّ إذا تقدمت لخدمة الرب أَعْدِدْ نفسك للتجربة، وضَعْ قلبك وٱحتمل، ولا تسرع في زمان البلاء.
ٱلتصق بالله وكن صبوراً ليكون لك فضل في آخر حياتك. كل ما أتاك فاقبله، وٱصبر على الوجع، وفي اتضاعك كن صبوراً، لأن الذهب يُجرَّب بالنار، والناس المقبولون يُجرَّبون في أتون التواضع. آمن بالله وتوكل عليه، فهو يردُّك لمقامك، ويُقوِّم طريقك. يا خائفي الرب آمنوا به فلا يضيع أجركم. يا خائفي الرب ترجَّوا به فتأتى عليكم الصالحات وسرور الدهر والرحمات».
نلاحظ أن القراءة كلها لتشجيعنا في الطريق وتنبيهنا أن نتحلى بالصبر في مقابل التجارب التي من المحتم أنها ستأتي علينا لأنها مرسلة لنا من يد الرب. والرب قادر أن يفتح أعينا عليه هو حتى لا ننشغل بالتجارب فنيأس ونرتعب ونخور في الطريق. والمجد لله دائمًا.