الإناء المختار

بعد أن تم رجم القديس استفانوس أول الشمامسة، انطلق شاول الطرسوسي إلى دمشق آخذا رسائل من رؤساء الكهنة، لتعطي له الحق في اضطهاد كل من يقابلهم من المسيحيين. فظهر له الرب في منتصف الطريق وقال له: شاول شاول لماذا تضطهدني، صعب عليك أن ترفس مناخس. بعدها ظهر الرب لحنانيا وهو أحد التلاميذ المقيمين في دمشق، وأمره أن يذهب ويضع يديه على شاول ليعيد له البصر، ثم يعمده ليصير مسيحياً. وقتها اعترض حنانيا لأنه كان يعرف من هو شاول، فقد وصلت أخباره إلى دمشق قبل وصوله إليها، وكان الجميع يعرف أنه قادم لاضطهاد المسيحيين بها. فقال له الرب: «اذْهَبْ لأَنَّ هَذَا لِي إِنَاءٌ مُخْتَارٌ لِيَحْمِلَ اسْمِي أَمَامَ أُمَمٍ وَمُلُوكٍ وَبَنِي إِسْرَائِيلَ. لأَنِّي سَأُرِيهِ كَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَتَأَلَّمَ مِنْ أَجْلِ اسْمِي» (أعمال 9: 15-16).

هذا لي إناء مختار:

يصف الكتاب المقدس الإنسان بصفه الإناء. فالإناء في القديم كان يصنع من الطين، مثل آنية الفخار التي نستعملها حتى الآن. وبالرغم من أنها آنية طينية، لكن يمكن أن تستعمل لطهي الطعام أو لتخزين الحبوب؛ آنية شرب في قصور الملوك، أو آنية لتغذية البهائم. فمن نوعية الطين المستعمل كان الخزاف يحدد ماذا سيصنع بهذا الإناء، أو بحسب ما يقول معلمنا بولس الرسول، شاول الطرسوسي سابقاً: أَمْ لَيْسَ لِلْخَزَّافِ سُلْطَانٌ عَلَى الطِّينِ أَنْ يَصْنَعَ مِنْ كُتْلَةٍ وَاحِدَةٍ إِنَاءً لِلْكَرَامَةِ وَآخَرَ لِلْهَوَانِ؟ (رو 9: 21).

فالخزاف، أي الله الخالق، يرى بسابق علمه استعداد كل منا، هل نصلح لأن نكون آنية للكرامة أم آنية للهوان. لكنه لا يرغم أيَّ إنسان على اختيار الطريق التي يراها مناسبة له. لكن من يجد عنده الاستعداد الطيب، مثل شاول الطرسوسي، فإنه يهيئ له الطريق ويعينه لكي يصير كارزاً ومبشراً باسمه. أما إن لم يجد لديه النية للسير في طريق الحق، فإنه لا يهمله كلية، بل يقدم له كل السبل التي تساعده في الطريق. أليس هذا ما فعله مع يهوذا الإسخريوطي، بالرغم من معرفته به، وقد جعله واحداً من الاثني عشر تلميذاً، واستأمنه على الصندوق الذي يتعايشون منه، لعله يعدِّل من مسيرته، ويتبع طريق الحق.

ليحمل اسمي:

عندما تكون الآنية مهيأة للكرامة، فإن أعظم ما يحمله هذا الإناء هو اسم الرب. هذا الاسم المبارك

 

اضغظ هنا للتحميل