الميراث الإنساني والروحي للأب متى المسكين

صاحب النيافة الحبر جزيل الاحترام أنبا سوريال

الآباء والسيدات والسادة الحضور الكرام

أحبُّ أولاً أن أنقل لجميعكم تحيات ومباركة قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية لهذا اللقاء، مع تمنياته بنجاح المؤتمر، وصلواته من أجل جميع الحضور.

أتقدم بالشكر العميق لأبي الحبيب نيافة أنبا سوريال على دعوته لي لحضور هذا اللقاء الهام، كما أشكر كل القائمين على تنظيم هذا اللقاء، وكان اقتراحهم أن أتكلم عن الميراث الإنساني والروحي الذي خلَّفه لنا الأب متى المسكين، كأحد الشخصيات القبطية التي أثرت على المسيرة الرهبانية وعلى الدراسات الآبائية والإنجيلية في الكنيسة القبطية في القرن العشرين، وما زال تأثيره واضحًا في حياة الكنيسة، سواء داخل مصر أو خارجها.

ففي عام 2006 رحل عن عالمنا الأب متى المسكين، الأب الروحي لدير القديس أنبا مقار بوادي النطرون في الصحراء الغربية بمصر. لكنه قبل رحيله ترك لأولاده ميراثاً غزيراً إنسانياً وروحياً، ما زلنا نغترف منه حتى الآن، ولا ندعي أننا قد استطعنا أن نستوعبه كله أو حتى ندرك أبعاده.

عندما قرر الصيدلي يوسف إسكندر أن يكرس حياته للرهبنة، وذلك عام 1948م، قام بزيارتين كان لهما أكبر الأثر في حياته فيما بعد. الزيارة الأولى كانت لبعض خدام مدارس الأحد بالجيزة، جنوب القاهرة، وتصادف في هذا الاجتماع أن سأل أحد الحضور عن إمكانية خلاص غير الأرثوذكس، فأجاب أحد الخدام بالنفي، وكان لهذه الإجابة تأثير بالغ في حياة الأب متى المسكين فيما بعد، وأدرك أهمية الانفتاح على الكنائس الأخرى لنتعرف على إيمانها وندرس تاريخها.

والزيارة الثانية والتي ذكرها لنا مرارًا كثيرة في أحاديثه معنا، وهي زيارته للأستاذ حبيب جرجس في بيته، والتي لم يذكر تفاصيلها، بل حسب تعبيره، «لآخذ بركته قبل خروجي للرهبنة». ولعل تذكر الأب متى المسكين لهذه الزيارة لسنوات طويلة، تدل على مكانة الأستاذ حبيب جرجس بالنسبة لشباب الكنيسة في ذلك الوقت، وتقدير الشباب المسيحي له على أنه قائد كنسي يمكن أن نأتمنه على أسرار حياتنا الروحية ومستقبلنا مع المسيح.

وسأوجز كلمتي عن الأب متى المسكين في أربع نقاط فقط أشعر أنه كان لسيرة حياته ولكتاباته أكبر الأثر فيها.

أولاً: الأب متى المسكين والتجديد الرهباني:

عندما بدأ حياته الرهبانية، كانت الأديرة القبطية في حال يُرثى له، فأعداد الرهبان كانت قد تناقصت كثيراً، ومباني الأديرة آل بعضها للسقوط، خاصة دير القديس أنبا مقار، ولم يكن بالأديرة أي رهبان من خريجي الجامعات أو من المنكبين على الدراسات القبطية والإنجيلية سوى النذر القليل.

بدأ حياته الرهبانية كتلميذ للأب مينا المتوحد، قداسة البابا كيرلس السادس فيما بعد، الذي كان مسئولاً وقتها على دير القديس أنبا صموئيل المعترف ببرية النقلون، الفيوم، فترهب في هذا الدير، وعلى مدى ثلاث سنوات كان يقضي ليله ساهراً في الصلاة وقراءة الإنجيل والتأمل في كل ليلة في أحد أقوال آباء الرهبنة الأوائل مثل أنبا أنطونيوس وأنبا مقار ومار إسحق السرياني، حيث كان يحس بعلاقة وجدانية تربطه بأرواحهم في وسط الليل، وتنقل إليه ما اختبروه. ولكن بعد ثلاث سنوات، ونتيجة لاعتلال صحته، اضطر للانتقال لدير السيدة العذراء السريان. وهناك تتلمذ على يديه العديد من الشباب المتعلم الذين كانوا النواة الحقيقة للرهبنة الحديثة في مصر. ومن أشهر هؤلاء كان الراهب أنطونيوس السرياني (قداسة البابا شنوده الثالث)، والراهب شنوده السرياني، (نيافة الأنبا يؤانس أسقف الغربية السابق) والراهب مينا المقاري والراهب كيرلس المقاري. وقد اعتاد في هذه الفترة أن يكتب لأولاده الرهبان رسائل دورية لتوجيه حياتهم الرهبانية، ظهر فيها منهجه الرهباني الأصيل وتأثره بكتابات آباء الرهبنة الأوائل[1].

وفي عام 1959 انتقل مع بعض تلاميذه الرهبان ليعيش حياة توحدية كاملة، ولمدة عشر سنوات، في مغائر وادي الريان بالقرب من الفيوم، وكان منذ أول يوم لتكريس حياته للرهبنة، قد وضع في قلبه أن يحيا حياة رهبانية تقوم على مبادئ الإنجيل ووصايا قديسي الرهبنة خاصة أنبا أنطونيوس وأنبا مقار وأنبا باخوميوس. فكان أول كتاباته الرهبانية في تلك الفترة كتاب بعنوان القديس أنطونيوس ناسك إنجيلي، أوضح فيه الأساس الإنجيلي الذي تقوم عليه الحياة الرهبانية، والذي بدونه نصبح غرباء عن الطريق الصحيح.

بعدها وفي عام 1969، وبتكليف من قداسة البابا كيرلس السادس، انتقل مع تلاميذه من الرهبان من وادي الريان واستقر في دير القديس أنبا مقار بوادي النطرون، حيث بدأ في تعمير هذا الدير معماريًا وروحيَّا، حتى صار الدير منارة روحية وعلمية اجتذبت الكثير من الشباب الراغب في التكريس لحياة الرهبنة.

ثم بدأ عملياً في إحياء حياة الرهبنة كمزيج بين حياة الوحدة كما عرفها القديس أنبا مقار، وحياة الشركة كما وضع أسسها القديس أنبا باخوميوس. فكان أول من أعاد مائدة الأغابي التي يجتمع حولها الرهبان كل يوم، كطقس رهباني أصيل، يوحد الرهبان معاً في خبز المحبة، بعد أن كان هذا الطقس قد اختفى من أديرتنا منذ مئات السنين، منادياً أن الشركة في المائدة الواحدة هو امتداد للشركة في الإفخارستيا. كما وضع الأب متى أسس العمل اليدوي كعمل مشترك لكل رهبان الدير القادرين على العمل، واضعاً في ذهنه أنه على الراهب أن يعول نفسه، وأن يقدم فائض عمله لخدمة المحتاجين، حسب وصية آباء الرهبنة.

ثانيًا: الأب متى المسكين والانفتاح على الكنيسة الجامعة:

في عام 1951 صدر للأب متى المسكين كتاب حياة الصلاة الأرثوذكسية، وهو أول كتاب يصدر له بعد تكريس حياته للرهبنة بثلاث سنوات فقط، وكان لهذا الكتاب صدى واسع عند الناطقين باللغة العربية داخل مصر وخارجها، حتى إن جناب المطران جورج خضر، مطران جبل لبنان للروم الأرثوذكس، زعم أن هذا أول كتاب في العصر الحديث لكاتب قبطي يتتلمذ عليه الروم.

لم يكن هذا الكتاب مجرد بحث في أصول الروحانية الأرثوذكسية، بل كان نافذة أطل منها الأقباط على ماضي حياتهم الروحية والآبائية والرهبانية، وكان له تأثير بالغ في حياة الآلاف من الأقباط، الذين صار منهم الكثير من قادة الكنيسة بعد ذلك. بل كان له تأثير في الكثير من الحركات الرهبانية خارج مصر، خاصة في السنوات الأخيرة، بعد أن تم ترجمته للغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية والأوكرانية والمجرية.

ولعل من أهم ما تضمنه هذا الكتاب، وكان له أثر كبير لم نشعر به إلا بعد مرور سنوات طويلة، هو ذكر أقوال لقديسي الكنيسة غير الأقباط، أي من الكنيسة الجامعة، والتي لا تعرفهم الكنيسة القبطية، مثل القديس غريغوريوس الكبير والقديس يوحنا الدمشقي والقديس ساروفيم ساروفسكي، مما فتح للأقباط نافذة جديدة على الكنائس الشقيقة الأخرى، التي كنا ننظر إليها ولسنوات طويلة على أنها كنائس معادية لنا، فإذا بنا نقرأ سير قديسيها وأقوالهم، ونتمثل بحياتهم. وكان هذا إيذاناً بقبولنا الآخر الذي لم تستطع الحوارات المسكونية حتى الآن أن تحققه.

ولقد أدرك الأب متى المسكين وقتها أهمية هذا الكتاب فكتب في عام 1968 في مقدمة الطبعة الثانية، تعليقاً على كلمة المطران جورج خضر: إن الله اختار هذا الكتاب ليكون فيه كلمة مصالحة ونقطة تقابل، لا على صعيد الحوار الفكري أو الجدل اللاهوتي، بل على مستوى وحدة الحياة الروحية وتجليات الإيمان الذي يتجاوز العجز اللفظي إلى نور الحق الإلهي المعاش.

ولعل من ثمار هذا الانفتاح، الجُسور القوية التي قامت بين دير القديس أنبا مقار وبين أديرة كثيرة في الغرب مثل دير شيفتوني ببلجيكا ودير بوزى بإيطاليا وأخوية تيزى بفرنسا.

ثالثاً: الأب متى المسكين والتعليم الكنسي:

في النصف الأول من القرن العشرين، بدأت في مصر حركة مدارس الأحد التي كان يقودها الأرشيدياكون حبيب جرجس، وعندما أسس الأرشيدياكون حبيب جرجس هذه الحركة، لم يكن أمامه في المكتبة العربية في مصر سوى بعض الكتابات الجدلية والكتابية الواردة من الكنائس الأخرى، ولم يكن هناك أية دراسات آبائية معروفة أو تفاسير كتاب مقدس في يد القارئ القبطي باللغة العربية، سوى بعض الكتب المترجمة عن كتَّاب من الكنائس البروتستانتية. ربما تكون أول كتابات نالت رواجًا بين القراء الأقباط، هي كتابات الأستاذ حبيب جرجس، بالإضافة إلى بعض الميامر والعظات المأخوذة عن المخطوطات العربية المحفوظة في مكتبات الأديرة والكنائس القديمة، مثل كتابات الأنبا بطرس السدمنتي[2] وجرجس ابن العميد الملقب بابن المكين[3] ويوحنا بن زكريا بن سباع[4].

كان أول لقاء للأب متى المسكين مع الشعب القبطي عندما تم تعيينه نائبًا باباوياً لمدينة الإسكندرية عام 1954، فبدأ في تعليم الشعب، وكان من ثمرة عظاته كتابه الخالد: تأملات في أسبوع الآلام، الذي نال شهرة كبيرة في الكنيسة، بسبب تقديمه لأحداث أسبوع الآلام بطريقة روحية جديدة لم تألفها الآذان قبلاً، حتى أن الصلوات التي كانت تقال في نهاية هذه العظات، صارت تُطبع في كتاب صلوات السواعي المنتشر في الكنيسة القبطية الآن[5].

أحدثت كتابات الأب متى المسكين تغييراً ملحوظاً في مجال التعليم في الكنيسة القبطية. والسبب الحقيقي وراء هذا التغيير، أن الأب متى المسكين لم يتتلمذ على كتب تفسير الكتاب المقدس التي كانت منتشرة في مصر في ذلك الوقت، والتي كانت في معظمها كتابات مترجمة عن بعض الكتاب الغربيين. إذ أنه بتدبير إلهي، حسب تعبيره، حصل على مجموعة كاملة لأقوال الآباء مترجمة إلى اللغة الإنجليزية، فقرأها بنهم، فانطبع فكر الآباء على تفكيره، واصطبغت حياته بسير قديسي الكنيسة، فخرجت كتاباته لها طعم كتابات آباء الكنيسة دون الحاجة لذكر نصوص كثيرة حرفية لهم. فلأول مرة في الكنيسة القبطية في العصر الحديث نرى كتابات عن الروح القدس وحلوله فينا، وقيادته لنا في جهادنا الروحي. وكنتيجة مباشرة لهذه الكتابات تغير مفهوم الجهاد في الحياة الرهبانية، فأصبح النسك الرهباني ثمرةً لعمل الروح القدس فينا، وأصبح الجهادُ الروحي تقدمةَ شكرٍ نقدمها لله كل يوم عرفاناً منا بالفداء الذي نلناه نتيجة لذبيحة الصليب. أليس هذا تماماً ما كان ينادي به القديس أنطونيوس الكبير في رسائله وأقواله لأبنائه الرهبان؟

وهكذا في مفهوم الأب متى المسكين للأعياد الكنسية، فميلاد الرب يسوع هو ميلاد الإنسان الجديد، ومعموديته وحلول الروح القدس عليه في الأردن، هو معمودية الخليقة الجديدة وتصالحها مع الله لقبول سكنى الروح القدس الدائم فيها، وصليب الرب هو صليبنا نحن، لأننا كنا في المسيح، متحدين به. وبالتالي عندما قام من بين الأموات، كنا جميعاً قائمين فيه: مع المسيح صلبت، أقامنا معه وأجلسنا معه في السماويات. أليس هذا مفهوم التجسد والفداء كما شرحه آباء وقديسي الكنيسة؟

ثم ظهرت كتاباته التفسيرية العديدة التي استطاع فيها أن يقدِّم للقارئ شرحاً روحياً للنص الكتابي على أسس لغوية وعلمية متينة، مرصَّعاً بأفضل ما قاله المفسرون الأقدمون من الآباء، مع أفضل آراء العلماء المعاصرين، بالإضافة إلى ما يُعطى له بالإلهام من الله، حتى صارت هذه الكتابات التفسيرية ميداناً للتقابل الروحي حول النص الكتابي عبر الزمان (مع الآباء) وعبر المكان (مع المعاصرين)، وقد عمل جاهداً أن يسلم الآتين بعده – سواء من الرهبان أو العلمانيين – هذا الأسلوب في التفسير، وذلك بتشجيع دراسة اللغات القديمة كالعبرية واليونانية، وبتزويد مكتبة ديره بالعديد من الكتب والمجموعات الآبائية والتفسيرية.

لقد تغلغلت المفاهيم الآبائية في جميع كتابات الأب متى المسكين، فأحس بها القارئ المسيحي بغض النظر عن انتمائه الطائفي، وأيقن أن هذه الكتابات تخصه هو، وهكذا مرة أخرى تصير هناك وحدة غير معلنة بين الكثير من القراء بسبب تلك الكتابات، وقد شعرنا نحن أولاده بهذه الوحدة من الصداقات التي تكونت لدينا من جميع الطوائف المسيحية، ومن روح المحبة التي لمسناها من أخوتنا في الكنائس الأخرى كلما سافرنا إلى خارج البلاد.

رابعاً: الأب متى المسكين والوحدة الكنسية:

في عام 1965 كتب الأب متى المسكين مقالاً بعنوان الوحدة المسيحية، بثَّ فيه أفكاره وتصوراته حول مفهوم الوحدة المسيحية وكيفية تحقيقها، مؤكداً على أننا لا نريد وحدة عاطفية تكون لمجد الإنسان وتعظيم الذات البشرية، مثلما حاول الإنسان في القديم أن يقيم وحدةً الغرض منها بناء برج بابل، فكانت النتيجة التفتت والانقسام. ولا أن تكون وحدةً قائمةً على التكتل ليتقوى الضعيف بالقوي وليزداد القوي قوة وسلطاناً. بل تكون وحدةً على مستوى إلهي، كنتيجة حتمية لاتحاد الإنسان بالله. أي نتيجة لوصية الله الأولى: تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك، ثم الوصية الثانية مثلها: وتحب قريبك كنفسك. فالوصية الثانية قائمة  على الأولى، وبدونها لا تساوي شيئاً. يقول الأب متى المسكين: الطريق الموصل إلى الاتحاد بالله ليس طريقاً مفرداً، أي ينتهي عند الله وحسب، بل يعود وينحدر إلى القريب وإلى الغريب وإلى العدو وإلى كل الخليقة، والذي يتحد بالله يلزم في الحال أن ينظر كيف يتحد بالكل ولا يهدأ حتى يكمل هذا الاتحاد.

ثم يعود في عام 1972 ويكتب مقالاً في مجلة النور اللبنانية للروم الأرثوذكس، يقول فيها: إن عدم اكتمال جامعية الكنيسة ووحدتها حتى الآن بين كنائس العالم إنما يلح علينا جميعاً، لا أن نراجع لاهوتنا، فلاهوتنا صادق جداً وأمين، بل أن نراجع أنفسنا على لاهوتنا الصحيح حتى نصحح رؤيتنا لله كأب واحد لكل البشر، ونصحح إدراكنا للمسيح كمخلِّص واحد وفاد واحد لكل من يدعو باسمه، الذي تبنَّى الإنسانية كلها لله بدون تمييز، ثم نصحح حبنا للإنسان، كل إنسان، باعتباره أخاً لنا بالالتزام، حتى ولو ناصبنا العداء.

ثم لكي يوضِّح ما يمكن أن تكون الخطوات العملية في طريق الوحدة، دون التنازل عن العقيدة، يكتب كتيباً في عام 1984 بعنوان: الوحدة الحقيقية ستكون إلهاماً للعالم، يضع فيه تصوراً بسيطاً لخطوات إيجابية تساعد على الوحدة بين الخلقيدونيين واللاخلقيدونيين:

فالخطوة الأولى أن تتبادل الكنائس في وقت واحد رفع الحرم، الواحدة عن الأخرى، لأن هذا الحرم هو ضد مشيئة الروح القدس، وقد حدث عن جهل كل كنيسة بروح وضمير الكنيسة الأخرى، وبسبب التمسك بالحرف لا بالروح.

والخطوة الثانية الاعتراف المتبادل والمتزامن بين الخلقيدونيين واللا خلقيدونيين بعقيدة كل منهما على أساس الجوهر لا المضمون، أي على أساس موجبات الخلاص والحياة الأبدية الذي توفره عقيدة كل منهما بواسطة يسوع المسيح العامل فيهما بصورة واحدة برغم اختلاف النصوص.

والخطوة الثالثة الدخول في حوار المضمون ورفع الغموض بالشرح وليس بالحذف أو بالإضافة في بنود العقيدة المسلَّمة حرفياً بالتقليد لكل منهما، لتوفير صيغة مصالحة تتناسب مع وحدة الشركة والروح، دون المساس بكل ما يتعلق بتاريخ العقيدة وتفرعاتها من مؤلفات ومجامع.

لقد آمن الأب متى المسكين أن الوحدة المسيحية يمكن أن تتحقق، ليس بالدرجة الأولى عن طريق الحوار المسكوني، ولكن عن طريق قديسي كل كنيسة، الذين بصلواتهم وسيرتهم سوف يلهمون قادة الكنائس ما يعينهم على إتمام الوحدة. وما اجتماعنا اليوم من كافة الكنائس في روح واحد إلا صورة مصغرة لكنيسة المسيح التي يريدها: لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِداً كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضاً وَاحِداً فِينَا لِيُؤْمِنَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي (يو 17: 21).


[1] كتاب رسائل القمص متى المسكين، طبعة أولى 2006، رسالة 1-4.

[2] القول الصحيح في آلام السيد المسيح، طبعة الإيغومانس محب الله فيلوثاوس رئيس الكنيسة الكاتدرائية المرقسية بالأزبكية، 1588ش، 1872م.

[3] كتاب مختصر البيان في تحقيق الإيمان الموسوم بالحاوي، تأليف الشيخ التقي جرجس بن العميد الملقب بابن المكين، الجزء الأول، طبع بمطبعة عين شمس سنة 1622ش، 1906م.

[4] كتاب الجوهرة النفيسة في علوم الكنيسة، تأليف القبطي الأرثذوكسي العلامة يوحنا ابن زكريا المعروف بابن سباع، تقابل وطُبع على نفقة إدارة مجلة عين شمس القبطية عام 1618ش (1902م).

[5] كتاب الأجبية، مطرانية بني سويف، صلوات للتأمل في آلام وموت وقيامة الرب.

 

اضغظ هنا للتحميل