زيت الابتهاج

زيت الابتهاج

يقتبس كاتب الرسالة إلى العبرانيين، كلمات سفر المزامير، ليوضح الخدمة التي تنتظر الرب يسوع بعد تجسده، فيقول: «كُرْسِيُّكَ يَا أَللهُ إِلَى دَهْرِ الدُّهُورِ. قَضِيبُ اسْتِقَامَةٍ قَضِيبُ مُلْكِكَ. أَحْبَبْتَ الْبِرَّ وَأَبْغَضْتَ الإِثْمَ. مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ مَسَحَكَ اللهُ إِلَهُكَ بِزَيْتِ الاِبْتِهَاجِ أَكْثَرَ مِنْ شُرَكَائِكَ» (عبرانيين 1: 7-9).

فمن هم شركاؤه، وما هو مدلول زيت الابتهاج؟

شركاؤه هم ملوك وأنبياء العهد القديم، الذين كانوا يُمسحون بزيت الزيتون، فيصيروا مسحاء لله. عن هؤلاء يقول الله: «لاَ تَمَسُّوا مُسَحَائِي وَلاَ تُسِيئُوا إِلَى أَنْبِيَائِي» (مزمور 105: 15).

كانت تلك المسحة تتم بالزيت الذي كان يُطلق عليه دهن المسحة أو قرن الدهن، كما فعل صموئيل النبي مع داود، وصادوق الكاهن مع سليمان (1صموئيل 16: 13؛ 1ملوك 1: 39). أما الرب يسوع فقد مُسح بزيت الابتهاج (وباليونانية: زيت غليلاون)، إشارة إلى مسرة الله بتجسد ابنه وبعمله الكفاري، وأن خلاص الإنسان كان سببه الرئيسي محبة الله لخليقته، ومسرته في خلاصها.

لذلك عندما حل الروح القدس على الرب يسوع عند نهر الأردن، كانت الصفة الأساسية التي ذكرها صوت الآب الآتي من السماء هي مسرته بابنه الحبيب: «هَذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ» (متى 3: 17).

كما كانت أول قراءة يتلوها الرب يسوع في بدء خدمته في المجمع اليهودي، بمثابة الوثيقة التي أملتها السماء على إشعياء النبي، والتي بها يوضح سبب تجسد الرب، والمنهاج الذي سيسير عليه في رحلة تجسده، والعطايا الإلهية التي جاء ليمنحها لخليقته التي كان الشيطان قد سباها منذ سقطة آدم الأول. فبعد أن يردَّها إلى رتبتها الأولى، ويحرِّرها من يد الذي سباها، وينتقم من عدوِّها، سوف ينعم عليها هي أيضاً بزيت الابتهاج، أو بدهن الفرح، الذي هو مسحة الروح القدس:

«رُوحُ السَّيِّدِ الرَّبِّ عَلَيَّ لأَنَّ الرَّبَّ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ، أَرْسَلَنِي لأَعْصِبَ مُنْكَسِرِي الْقَلْبِ، لأُنَادِيَ لِلْمَسْبِيِّينَ بِالْعِتْقِ، وَلِلْمَأْسُورِينَ بِالإِطْلاَقِ. لأُنَادِيَ بِسَنَةٍ مَقْبُولَةٍ لِلرَّبِّ، وَبِيَوْمِ انْتِقَامٍ لإِلَهِنَا. لأُعَزِّيَ كُلَّ النَّائِحِينَ. لأَجْعَلَ لِنَائِحِي صِهْيَوْنَ لأُعْطِيَهُمْ جَمَالاً عِوَضاً عَنِ الرَّمَادِ، وَدُهْنَ فَرَحٍ عِوَضاً عَنِ النَّوْحِ، وَرِدَاءَ تَسْبِيحٍ عِوَضاً عَنِ الرُّوحِ الْيَائِسَةِ» (إشعياء 61: 1-4).

المجد لاسمك أيها الآب القدوس، يا من أرسلت ابنك الحبيب ليردَّ إليك الخروف الذي ضلَّ، وبالرغم من الآلام التي سيجوزها من أجلنا، نراه متهللاً فرحاً بخلاصنا: «وَفِي تِلْكَ السَّاعَةِ تَهَلَّلَ يَسُوعُ بِالرُّوحِ وَقَالَ: أَحْمَدُكَ أَيُّهَا الآبُ رَبُّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِنَعَمْ أَيُّهَا الآبُ لأَنْ هَكَذَا صَارَتِ الْمَسَرَّةُ أَمَامَكَ» (لوقا 10: 21). وعن هذه المسرة تقول الرسالة للعبرانيين: «نَاظِرِينَ إِلَى رَئِيسِ الإِيمَانِ وَمُكَمِّلِهِ يَسُوعَ، الَّذِي مِنْ أَجْلِ السُّرُورِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَهُ، احْتَمَلَ الصَّلِيبَ مُسْتَهِيناً بِالْخِزْيِ، فَجَلَسَ فِي يَمِينِ عَرْشِ اللهِ» (عبرانيين 12: 2).

اضغظ هنا للتحميل