اِرْفَعُوُا أَيُّهَا الْرُؤسَاءُ أَبْوَابَكُم
في تمثيلية عيد القيامة المجيدة التي تجري حالياً في كنيستنا القبطية، بعد أن يعلنَ الشماسان الواقفان خارج الهيكل قيامة الربِّ من بين الأموات، يقولا: «اِرْفَعُوُا أَيُّهَا الْرُؤسَاءُ أَبْوَابَكُم، وَارْتَفِعِي أَيَّتُهَا الأَبْوَابُ الدَّهْرِيَّةُ، فَيَدْخُلَ مَلِكُ الْمَجْدِ» (مزمور 24: 7). وفي الحقيقة هذا هو مزمور عيد الصعود في كنيستنا القبطية.
لقد أخطأ الإنسان قديماً، وطُرد من حضرة الله، «وَأَقَامَ (اللهُ) شَرْقِيَّ جَنَّةِ عَدْنٍ الْكَرُوبِيمَ، وَلَهِيبَ سَيْفٍ مُتَقَلِّبٍ لِحِرَاسَةِ طَرِيقِ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ» (تكوين 3: 24). وهكذا أُغلقت أبوابُ السماء في وجه الإنسان.
ولكن، بعد أن قام الربُّ يسوع من بين الأموات، صعد إلى السماء حاملاً معه الطبيعة البشرية، حسب قول معلمنا بولس الرسول: «أَقَامَنَا مَعَهُ، وَأَجْلَسَنَا مَعَهُ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ» (أفسس 2: 6). لذلك كان يجب أن تُفتح أبوابُ السماء ثانية في وجه الإنسان المخلوق جديداً في المسيح يسوع، ولم تكن السماءُ مغلقةً في وجه الربِّ يسوع، بل في وجهنا نحن، نحن الذين كان يحملنا في جسده.
يقول القديس أثناسيوس في كتاب تجسد الكلمة (25: 5-6): [لقد جاء الربُّ لكي يُحدِرَ الشيطان، ويُطهِّر الهواء، ويُهيِّئ لنا طريق الصعود إلى السموات، كما يقول الرسول: «عبر الحجاب أي جسده» (عبرانيين 10: 20)… وهكذا لما رُفِعَ طهَّر الهواء … كما يقول: «رأيتُ الشيطان ساقطاً كالبرق» (لوقا 10: 18). ثم افتتح طريقاً جديداً صاعداً إلى السموات قائلاً أيضاً: «ارفعوا أيها الرؤساء أبوابكم، وارتفعي أيتها الأبواب الدهرية» (مزمور 24: 7). لأنه لم يكن الكلمة هو المحتاج إلى فتح الأبواب، إذ هو ربُّ الكلِّ، ولم يكن شيءٌ من المصنوعات مغلقاً أمام خالقه، بل نحن الذين كنا نحتاج إلى ذلك، نحن الذين كان يُصعدنا معه بجسده الخاص؛ فكما أنه قدَّم هذا الجسد للموت من أجل الجميع، هكذا أيضاً بواسطته قد أعدَّ طريق الصعود إلى السموات].
ومزمور الصعود هذا معروف أيضاً في الكنائس الأرثوذكسية الأخرى، تقول خدمة مساء عيد الصعود في كنيسة أنطاكيا الأرثوذكسية:
[إن الربَّ قد صعد إلى السماوات لكي يرسل المعزي إلى العالم، فالسماوات هيأت عُرْسَهُ، والغمام هيأ ركوبه، الملائكة يتعجبون إذ يشاهدون إنساناً أعلى منهم، الآب يقتبل في أحضانه من هو معه أزلياً، الروح القدس يأمر جميع ملائكته: ارفعوا يا رؤساء أبوابكم، فيا جميع الأمم صفقوا بالأيدي لأن المسيح صعد إلى حيث كان أولاً… يا يسوع الحلو، أنت من الأحضان الأبوية لم تنفصل، ولو تصرفت على الأرض مثل إنسان. اليوم ارتقيت بمجد إلى جبل الزيتون، وبإشفاق منك أصعدت طبيعتنا الهابطة وأجلستها مع الآب].