باكورة القيامة

شرح معلمنا بولس الرسول ضرورة القيامة في رسالته الأولى لأهل كورنثوس، ثم أوضح لهم أن الرب يسوع هو باكورة القيامة، قائلاً: «وَلَكِنِ الآنَ قَدْ قَامَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ وَصَارَ بَاكُورَةَ الرَّاقِدِينَ». ثم عاد وأكد على نفس المعنى بعد ذلك: «لأَنَّهُ كَمَا فِي آدَمَ يَمُوتُ الْجَمِيعُ، هَكَذَا فِي الْمَسِيحِ سَيُحْيَا الْجَمِيعُ. وَلَكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ فِي رُتْبَتِهِ. الْمَسِيحُ بَاكُورَةٌ، ثُمَّ الَّذِينَ لِلْمَسِيحِ فِي مَجِيئِهِ» (1كورنثوس 15: 20-23).

كلمة الباكورة كلمة طقسية، تقابلنا في العهد القديم، في سفر اللاويين. فبعد الاحتفال بعيد الفصح، وفي غد سبت هذا العيد، أي ما يساوي تماماً عيد القيامة الآن، يحل عيد الباكورات، وهو عيد تقديم باكورة ثمار الأرض لله. هكذا أمر الله الشعب في القديم:

«هَذِهِ مَوَاسِمُ الرَّبِّ الْمَحَافِلُ الْمُقَدَّسَةُ الَّتِي تُنَادُونَ بِهَا فِي أَوْقَاتِهَا. فِي الشَّهْرِ الأَوَّلِ فِي الرَّابِعَِ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ فِصْحٌ لِلرَّبِّ… وقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: مَتَى جِئْتُمْ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أَنَا أُعْطِيكُمْ وَحَصَدْتُمْ حَصِيدَهَا تَأْتُونَ بِحُزْمَةِ أَوَّلِ حَصِيدِكُمْ إِلَى الْكَاهِنِ. فَيُرَدِّدُ الْحُزْمَةَ أَمَامَ الرَّبِّ لِلرِّضَا عَنْكُمْ. فِي غَدِ السَّبْتِ يُرَدِّدُهَا الْكَاهِنُ… ثُمَّ تَحْسِبُونَ لَكُمْ مِنْ غَدِ السَّبْتِ مِنْ يَوْمِ إِتْيَانِكُمْ بِحُزْمَةِ التَّرْدِيدِ سَبْعَةَ أَسَابِيعَ تَكُونُ كَامِلَةً. إِلَى غَدِ السَّبْتِ السَّابِعِ تَحْسِبُونَ خَمْسِينَ يَوْماً ثُمَّ تُقَرِّبُونَ تَقْدِمَةً جَدِيدَةً لِلرَّبِّ» (لاويين 23: 4- 16).

فعندما يوضح القديس بولس أن الرب يسوع هو الباكورة، معناه أنه صار واحداً منا، لأنه أخذ جسدنا، وأصبح مشابهاً لنا تماماً. ويمكننا فهم هذه الحقيقة من قول القديس بولس أيضاً عندما يقارن باكورة العجين ببقية العجين، أو أغصان الكرمة بأصلها: «وَإِنْ كَانَتِ الْبَاكُورَةُ مُقَدَّسَةً فَكَذَلِكَ الْعَجِينُ! وَإِنْ كَانَ الأَصْلُ مُقَدَّساً فَكَذَلِكَ الأَغْصَانُ!» (رومية 11: 16).

يشرح القديس كيرلس الكبير تقديم الباكورة لله قائلاً:

إن يسوع المسيح واحدٌ هو. ولكنه كمثل الحزمة يُعتبر جامعاً الكثيرين في ذاته، وهو كذلك لأنه يقتني في ذاته جميع المؤمنين في اتحادٍ روحي، ولهذا السبب يكتب بولس الطوباوي إننا: «أُقمنا معه وأُجلسنا معه في السماويات» (أفسس 6:2)، لأنه لما صار مثلنا، صرنا معه «شركاء في الجسد» (أفسس 6:3)، واغتنينا بالاتحاد به بواسطة جسده، ولذلك نقول إننا كلنا فيه…

إنه يقول إنه يجب ترديد الحزمة في غد اليوم الأول (من الفطير)، أي في اليوم الثالث (بعد ذبح الخروف)، لأن المسيح قام من بين الأموات في اليوم الثالث، وفيه أيضاً انطلق إلى السموات… فلما قام ربنا يسوع المسيح وأكمل ترديد نفسه كباكورة للبشرية أمام الله الآب، حينئذ بالذات تم تغيير أعماق كياننا إلى حياةٍ جديدة] (جلافيرا على سفر العدد).

اضغظ هنا للتحميل