أوصنَّا لابن داود

أوصنَّا لابن داود

عند دخول الرب يسوع إلى أورشليم، استقبلته الجموع، فارشين ثيابهم في الطريق، وحاملين أغصان الشجر، وهم يصيحون: «أُوصَنَّا لاِبْنِ دَاوُدَ! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! أُوصَنَّا فِي الأَعَالِي» (متى 21: 9).

وكلمة أوصنَّا اليونانية مشتقة من الكلمة العبرية هوشيعنا، وهي كلمة تتركب من مقطعين: الأول هوشيعا، ويعني: خلِّص أو انقذ أو أعِنْ؛ والثاني: نا، وهو حرف يدل على شدة الاحتياج. فيكون معنى هذا النداء: نتوسل إليك، خلِّصنا الآن، يا رب. وهو نداء مقتبس من سفر المزامير: «آهِ يَا رَبُّ خَلِّصْ! (أوصنَّا – هوشيعانا)، آهِ يَا رَبُّ أَنْقِذْ!» (مزمور 25:118). وكان هذا النداء يتكرر في عيد المظال كل عام على أفواه الكهنة والشعب.

وفي أيام الرب يسوع ارتبطت كلمة أوصنَّا ارتباطاً شديداً بفكرة ظهور المسيَّا، الذي سيمنح الأمة الحرية السياسية، وسيجدِّد الحرية الدينية للشعب. كما أن ارتباط هتاف أوصنَّا مع النصر الذي حققه يهوذا المكابي في ثورته ضد أنطيوخس الرابع عام 163 ق.م، والاحتفال بعيد التجديد، أعطى لتعبير أوصنَّا معنىً جديداً، إذ صارت تعني تمجيد الله أكثر من كونها توسلاً لطلب المعونة. ومن هنا يُفهم هتاف الشعب: أوصنا لابن داود، مع الآية: «مبارك الآتي باسم الرب» (مز 26:118)، إذ يكون معناه: «المجد لِمَنْ أعطانا الخلاص، المجد لابن داود». وقد تجلَّى هذا المعنى بأكثر وضوح بعد صلب الرب يسوع وموته وقيامته من بين الأموات، إذ صارت كلمة أوصنَّا تعبِّر أساساً عن هتاف الفرحة بالخلاص الذي حققه الرب يسوع.

بالطبع لم يكن هذا المفهوم التسبيحي هو نفس المفهوم الذي صرخ به الشعب عند ملاقاته الرب يسوع. ولكن، كما هو متَّبع في كثير من مفاهيم العهد القديم، فقد أوضح الرب يسوع المعنى الحقيقي وراء هتاف الشعب. لقد حقَّق الرب يسوع وأكمل احتياج الشعب للخلاص بالطريقة التي أرادها هو، والتي لم يفهمها الشعب إلا بعد قيامة الرب من بين الأموات. وبعد حلول الروح القدس بدأ يزداد وعي الشعب بالخلاص الذي حققه لهم الرب يسوع؛ وأنه كان خلاصاً من الخطيئة، وتحرُّراً من سلطان إبليس، وقوةً منحها لهم الرب لكي يحيوا في حرية البنين كأولاد لله ومن أهل بيته.

إن صراخ أوصنَّا الذي استقبل به الشعبُ المسـيحَ عند دخوله أورشليم كهتاف لطلب المعونة – وإن كان في ذلك الوقت على المستويين الجسدي والسياسي – صار هتاف الكنيسة، تسبيحاً وشكراً لِمَنْ صار لنا خلاصاً بموته من أجلنا: «قدوس قدوس قدوس رب الصباؤوت، السماء والأرض مملوءتان من مجدك. هوشعنا في الأعالي، مبارك الذي أتى ويأتي باسم الرب، هوشعنا في الأعالي» (القداس الغريغوري).

 

اضغظ هنا للتحميل